المشي في الجنازات
المشي في الجنازات

المشي في الجنازات عادل صابر يكتب عن المسبل فما هو

المشي في الجنازات عادل صابر يكتب عن المسبل فما هو

دائما الشاعر المصري الصعيدي الكبير عادل صابر يتحفنا بابداعاته ورباعيته فهو فارس فن الواو في الصعيد كله .

والاجمل ايضا ن له قصص وحكايات تحدث معه يكتبه بشكل روائي وقصصي وسردي جميل ومحبب للنفس .

كتب عن المسبل فابهج النفس بكتاباته ولم نكن نعلم من هو المسبل وماذا تعني هذه الكلمة لكنه افاض وشرح بالتفصيل من هو المسبل .

ولتستمتعوا معنا بما كتب شاعر مصر الكبير عادل صابر الان .

المشي في الجنازات

منذ سنوات عديدة ، ذهبت للتوجيه فى مدرسة بعيدة فى أحدى الإدارات التعليمية المعروفة ، كانت المدرسة تنام فى حضن الجبل ، وتجاورها الجبانة ،وشواهد القبور وأنا ماشى بجوارها تعلن أن لا اله الا الله ، وأن الكل هالك ولايبقى إلا وجه ربك الكريم ،.

المهم ، دخلت المدرسة والتف حولى المدرسين ، وجوه قديمة من الزمن البعيد ، ملابسهم كملابسى ، لم يسمعوا عن الموضة بعد ، قمصان من أنواع ” قزقز لِبُّه ، وسلِّم الطيارة ، والسمن سايح ، وصحِّف ركِّبنى ” ، وبناطيل رجل الفيل القديمة ، .

وقابلنى مدير المدرسة ، كان رجلاً وقوراً حكيماً ، ورحب بى ترحيباً كبيرا، واخذنا نتحدث عن المعيشة الصعبة ، واحوال المدرسين التى لاتسر عدو ولاحبيب ، وبينما كنا نتحدث دخل علينا أحد المعلمين ، له وجه أسمر شاحب كأنه خارج للتو من بين المقابر، .

يرتدى قميص من قماش رخيص ، لوَحته الشمس من على الكتفين ، فاتخذ النسيج لوناً آخر ،وبطلون كبنطلون القرونجى عامل الخرسانة الملطّخ بالأسمنت ، وبعد أن نظر الى حصته فى الجدول ومضى ، قال لى المدير : عارف يااستاذ عادل ، الراجل اللى دخل علينا وطلع ده بيشتغل ايه عشان يحسن حالته ويأكل عياله ؟! .

فسألته : بيشتغل ايه يامدير ؟!
فقال المدير : شغلانة غريبة جداً مش حتورد على خاطرك واصل !!
قلت : حيكون أيه يعنى يامدير ؟!
قال : مسَبِّل !!
قلت : يعنى أيه مسبِّل يامدير ؟!.

قال : يقاولوه عشان يحمِّى الجنايز ، يعنى كل ماحد يموت من البلد ، يجوله قبل الدفنة وياخدوه ويتفق معاهم ، ويشرط عليهم ويقوللهم : أسبِّل عند البيت بس ، ولا أروح معاكم الجبانة ؟! .

لو عند بيت المتوفى بس يبقى ب50 جنيه ، لو لغاية الجبانة ب100 جنيه ، يقولوله خلاص ياعمى لغاية الجبانة ، بس اديها حسِّين من عندك ساعة الدفنة !! ويروح معاهم ، .

ويتحزم بحبل ليف ، ويشتغل ( الدايم الله ياخوى .. الدايم الله ياخوى ، لغاية مايدفنوا الميت ، ويجيب فلوسه وياجى ، رغم انه لايعرف الميت ولاشافه قبل كدة ، شفت ياأستاذ عادل وصل معانا الحال لغاية أيه يابو خالو !! وقعدت مندهش لهذه الشغلة الغريبة ، والفكرة المبهرة . .

قد يهمك أيضا :

الكاتب المخلص لله ثم الوطن رسول بدون وحي..!! بقلم .. نبيل مصيلحي

ومن يومها وانا افكّر فى الشغلانة الساهلة دى ، من ناحية تكسب فلوس ، ومن الناحية التانية تفضفض عن نفسك وتفرِّغ خزنك فى الجنازات ، لكن المشكلة إن اليومين دول بشوف موظفين كتير أغلبهم مدرسين ونظار مدارس ومحامين بيسبلوا فى جنازات غريبة ، واقول فى نفسى معقول الفكرة وصلتلهم ، معقول كلنا حنشتغلوا محمّيين جنازات ، رغم انها شغلة مربحة جداً الايام دى عشان الجنايز كترت قوى !!

ما اجمل سردك الراقي عادل صابر وما اجمل شعرك المتوهج بالجمال والابداع البكر وما اجمل روحك الحلوة الطيبة وما اجمل صدقك واخلاصك وتواضعك .

انرت بقلمك جنبات ” نبأ خام ” ونتمني بالفعل ان تتحفنا مابين الحين والاخر بواحدة من روعاتك الحلوة التي تريح القلوب وتبهج النفوس بعباراتها وصورها المبدعة .

اترك تعليقاً