محمد عبدالقوي حسن.. جيل في شاعر مصرى
بقلم : اسحاق روحي
بقلم : اسحاق روحي
رئيس تحرير جريدة منبر التحرير
رحلة لها أكثر من 35 عاماً من العمل والإبداع
●● منذ أكثر من خمسة وثلاثين سنة بدأت مسيرتي في حب القراءة ومراسلة الصحف والمجلات وفي هذا التوقيت كانت مسألة مرهقة علي مصروفنا ففي الوقت الذي كان أصدقائي يصرفون ما يحصلون عليه من مصروف علي الحلوي كنت أنا أقتصد لشراء مجلة «سمير وماجد وميكي» وتطور الأمر إلي أن وصل إلي كتب «محمد حسنين هيكل ونجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس ويحيي الطاهر عبدالله» إلي آخر القائمة التي قد تحتاج إلي صفحات الجريدة لذكرها.
●● في هذا التوقيت وطوال الرحلة كان يتردد معي اسم محمد عبدالقوي حسن ومحمود رمضان الطهطاوي.. رحلة طويلة بدأت وهنا سأتحدث عن محمد عبدالقوي حسن الذي قام أقليم شمال الصعيد الاسبوع الماضي بإقامة احتفالية كبيرة لتكريمه شارك فيها العديد والعديد من شعراء وأدباء مصر.
●● قد يستغرب القارئ إن قلت إن الرحلة عمرها خمسة وثلاثين سنة ولم التق مع محمدعبدالقوي حسن مرة واحدة وإن كنا تواصلنا بوسائل الاتصال الأخري، ولكن هي رحلة جمعتنا معاً رغم عدم الالتقاء النهائي فهو لا يكبرني سوي بعام واحد وهو من أوائل من عمل في النبأ هذا الصرح الذي أسسه العظيم ممدوح مهران، ومن المفارقات إنني عملت في الصحيفة بعد أن تركها محمد عبدالقوي حسن.. نعم هي علاقة متباعدة بين شخصيتين جمعهما حب الأدب والشعر والقصة والصحافة دون أن يلتقيا نهائياً.
●● تكريم محمد عبدالقوي حسن هو تكريم لنا جميعاً جيل المراسلات ومجلات الماستر.. جيل البحث عن الكتاب أو الجريدة حتي تحفي الأقدام.. جيل جاء جزء كبير منه إلي قاهرة المعز.. هناك من دهسته القاهرة وهناك من عاد إلي مسقط رأسه ليؤسس نهضة ثقافية شاملة وهناك من أخذته الصحافة بكل متاعبها بعيداً عن العالم الحقيقي.. عالم الإبداع والقصة والرواية والقصيدة.
●● محمد عبدالقوي حسن من الجزء الذي جاء للقاهرة واكتسب بها الكثير من الخبرات وعاد إلي مسقط رأسه ليكون هناك نهضة ثقافية حقيقية في المنيا وبالطبع المنيا بلد العظماء سواء من تركوها أو من آثروا الجلوس بها مثل العظيم الدكتور جمال التلاوي والذي كان له تأثير مباشر في رحلة محمد عبدالقوي حسن وتأثير غير مباشر في رحلة جيلنا كله.
●● بدايات محمد عبدالقوي حسن في القاهرة مثل أغلب بداياتنا وهذه البدايات حساسة جداً لو انخرطت فيها بقوة ليس أمامك سوي طريقين إما أن تحيا متسكعاً أو تبتعد والابتعاد هنا إما العود لمكانك السابق أو الانعزال واعتقد كرامة الصعيدي هي من جعلت محمد عبدالقوي يبتعد عن أضواء القاهرة مصمماً أن تأتي له الأضواء في الصعيد وهذا ما حدث.
●● في ظرف عدة سنوات قليلة كان محمد يكتب طلباً أن يكون هناك فرع لاتحاد الكتاب في المنيا وذلك بإشراف رفيق الدرب الدكتور جمال التلاوي والذي كما ذكرت هو من أثر في جيل كامل في مصر وليس الصعيد فقط.
●● مؤكد أن رحلة الكفاح لإنشاء الفرع أخذت من وقت وإبداع عبدالقوي ولكن إيمانه بتقديم الخدمات الثقافية والأدبية للصعيد كان لا يقل عن إيمانه بإبداعه ففي كلا الحالتين هناك إضافة للتراث الإنساني وتولي بالفعل محمد عبدالقوي شعبة شعر العامية في الاتحاد العام للكتاب بالقاهرة.
●● رحلة محمد عبدالقوي حسن رحلة طويلة حفرها بأظافره ولن تكون نهايتها تكريمه الأسبوع الماضي بل هي بداية لمرحلة جديدة في حياة الشاعر والأديب.
●● عشرات الأبحاث والكتب والجوائز سواء داخل مصر أو خارجها ليس هو الحصاد الوحيد لهذه الرحلة ولكن رحلته الحقيقية فيما قدمه لأبناء الصعيد وللمواهب الشابة حتي إنني تأتي لي تليفونات عدة من أشخاص حين أسألهم عن رحلتهم يقولون لي الأستاذ محمد عبدالقوي حسن هو من وقف معنا وعلمنا ووجهنا.. هذا جزء من الحصاد الذي يجب أن يفخر به محمد وكأن التاريخ يعيد نفسه فهو يضع الدكتور جمال التلاوي مثلاً وقدوة وهناك عشرات يضعونه هو مثلاً وقدوة لهم.
●● لن أتحدث عن أنه رئيس جمعية مبدعي مصر الأدبية والتي تضم أكثر من ألف شاعر أو أنه مؤسس مؤتمر شعر العامية علي مستوي مصر والذي أقيم منه ست دورات ولكن الملفت أنه أقام كل ذلك بإمكانيات بسيطة جداً وفق إمكانيات الصعيد المعروفة فالصعيد منسي في مجال الأدب ولولا وجود أمثال محمد عبدالقوي حسن وجمال التلاوي في المنيا ودرويش الأسيوطي وسعد عبدالرحمن في أسيوط وأشرف البولاقي ورفاقه في قنا لمات الصعيد أدبياً.
●● هذه الكلمات ليس احتفاءً بمحمد عبدالقوي حسن ولكن هي رسالة للأجيال الجديدة أنه لا يوجد في مسيرة أي أديب ملعقة ذهبية في الفم ولكن يوجد عذاب البحث عن الجملة والكلمة التي تصل للمتلقى.. بها عناء البحث عن كتاب ترشحه لأجيال لا تعرف من هو أمل دنقل أو يحيي الطاهر عبدالله أو السيباي أو البياتي أو عظماء الشعر الجاهلي.
●● رحلة محمد عبدالقوي حسن أشعر بها لأنني مررت بجزء كبير مثلها ومنجز محمد في هذه الرحلة بالطبع أضعاف أضعاف المنجز الشخصي أو كثيرين من أبناء جيلنا ففرحتنا بمحمد عبدالقوي هو فرحة بجيل كامل وليس بشخص محمد فقط.
●● محمد عبدالقوي حسن هذا الاسم المميز الذي يفخر بكل حروفه جميع أصدقائه وأحبائه وتلامذته لم يتحقق من فراغ ولكن تحقق بجهد وتعب وسهر ليالي فهو ابن البيئة التي تعشق الأرض الطيبة سواء كانت هذه الأرض في مصر أو في أي بقعة علي أرض العروبة.. هو ابن مصر الذي تغني بها وتغني بالجمال والخير والحق لذا حين قام أقليم شمال الصعيد بالإعلان عن تكريمه علي هذه المسيرة وجد كل أصدقائه ومحبيه حوله من كل صوب وحدب.
●● محمد عبدالقوي حسن شخص في جيل أو أن شئت الدقة جيل في شخص نتمني أن يتكرر في كل محافظات مصر وأن نلغي من قاموس الثقافة أن القاهرة هي الأهم ففي مصر رجالات في طولها وعرضها وكل محافظة مؤكد بها محمد عبدالقوي حسن ولكن الفرق ان محمد كان له باع في الصبر والتحمل اعترف أنه ليس لدي كثيرين وأنا واحد منهم.
●● تكريم محمد عبدالقوي حسن رسالة لوزيرة الثقافة أن مصر مواهبها لا تنضب وعطاءها مستمر إلي أبد الأبدين ولكن هذه المواهب تحتاج إلي تنمية جيل الأساتذة، حتي لا يصطدم الشباب بجيل كل همه المناصب وليس الرقي بالأدب والفن والعمل علي غذاء الروح.
●● دمت صديقي محمد عبدالقوي حسن ودامت مسيرتك تضيء الطريق لأجيال وأجيال من أبناء مصر عامة وصعيد مصر خاصة.
قد يهمك أيضا